اَلْجَبَلُ، الْغَيْمَةُ وَ الدُّمُوعُ | بـــــدر أســـوكا

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 

بـــــدر أســـوكا


  هضَبةٌ، جَبَلٌ، أو ربّما هو جمَل قابِع فوْق أديم الأرض، هذا كلّ ما يظْهر أمامي وأنا أرمي بِبصري بعيدًا. السّماء هناك مُلَبّدَة بغُيوم تمْسح بدُنوّها ظهْري بِرفقٍ شديدٍ ، غُيوم رمادية، غيوم زرقاء، غُيوم كالدّخان تزْحف بِبطْء على ظهْر الجمل الرّابض، المُنحني هناك و كأنّه بانحنائه لم ينْحنِ إلا رهْبة من سطْوتها على الأفق. 

هل هو مجروح؟ هل هو مُصاب؟ أم أنّه تعِب فقط؟ تعب من ملايين السّنين التي مرت على ظهره كهذا الغمام، تاركة إيّاه لا بمقرفص ولا بمنحنٍ. لا شكّ أنّ ظهره يؤلِمه بعد كل هذه السّنوات.

تمضي الغيْمة، تختفي، وما أن تغيب عن ناظري حتى تظهر غيْمة أخرى، تقوم بنفس الشّيْء، بِلينٍ و تُؤَدَةٍ و إصْرار. يا تُرى، إلى أين تذهب الغيوم؟ ما الّذي يجعل لونها مُثقلا كالدّخان؟ أهي دموعها تتجمّع كَدَرًا، تُخزّنُها، أيّاما وليالٍ، لتقومَ بسكْبها علينا، فتغسل بها أحْزاننا، و تُبَلْسم جِراحنا و جِراح آلاف الجبال/الجمال الرّابضة في كلّ زمكان؟

 أهي تعِبة أيضا، لا من سُكونها الأزليّ ، بل من حركتها البَندوليّة السّيزيفيّة السّرمديّة؟ فتجعل حزنها ودمعها، حزننا ودمعنا؛ كلّا واحدا !

لماذا لا يُمدّد الجبل عضلاته؟ أم أنّ هذا ما يفعله حين يهيل علينا البيوت من وقْت لآخر؟ لماذا لا تُمارِس الجِبال الرّياضة بشكل مُنتظم؟ آهٍ، كانت لتريحنا من الجبال الرّابضة فوق ظهورنا.

مجلة فن السرد | مشاتل 

التصنيفات

شارك.ي. المقال

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك.ي. تعليقا

ليست هناك تعليقات

2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث