شغلت قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني العديد من الأدباء
العرب، وكانت موضوعا هاما وأساسيا في إنتاجهم الشعري، ومن هؤلاء الشاعر المصري
القومي أمل دنقل (1940 - 1983) الذي كتب قصيدته الشهيرة "لا تصالح" وذلك
قبل عام من زيارة الرئيس محمد أنور السادات إلى إسرائيل سنة 1977، حيث رأى بحس
الشاعر وبصيرته نحو أي اتجاه تمضي الأمور، فأطلق صيحته محذراً، وبثّ رجاءه في
تراجع لم يحدث، وحفظ هذا الموقف في شعر يخلده على مر السنين قال فيه:
لا تصالحْ
ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى؟
هي أشياء لا تشترى
لا تصالح على الدم.. حتى بدم
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم
جئناك. كن يا أمير الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم الآن صار وسامًا وشارة
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ بذؤابته لحظاتِ الشرف
واستطبت الترف
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم
واروِ التراب المقدَّس
واروِ أسلافَكَ الراقدين
إلى أن تردَّ عليك العظام!
وفي 2 أكتوبر 1995 نشرت جريدة "الحياة" قصيدة "المهرولون"
للشاعر السوري نزار قباني (1923 – 1998)، وكانت القصيدة بعد عامين من توقيع
اتفاقية "أوسلو" عام 1993 والتى سمحت بعودة ياسر عرفات إلى الأراضى
الفلسطينية وإنشاء سلطة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة، قال قباني في القصيدة:
بعد هذا الغزل
السري في أوسلو
خرجنا عاقرين..
وهبونا وطناً أصغر من حبة قمحٍ
وطناً نبلعه من غير ماءٍ
كحبوب الأسبرين
بعد خمسين سنة..
نجلس الآن، على الأرض الخراب
ما لنا مأوى
كآلاف الكلاب
بعد خمسين سنة..
ما وجدنا وطناً نسكنه إلا السراب
ليس صلحاً
ذلك الصلح الذي أدخل كالخنجر فينا
إنه فعل اغتصاب
ما تفيد الهرولة؟
ما تفيد الهرولة؟
عندما يبقى ضمير الشعب حياً
كفتيل القنبلة
لن تساوي كل توقيعات أوسلو..
خردلة!!..
ومن العراق صدح صوت الشاعر الساخر أحمد مطر (المزداد
سنة 1954) بقصيدة الثور والحظيرة:
الثور فر من حظيرة البقر، الثور فر
فثارت العجول في الحظيرة
تبكي فرار قائد المسيرة
وشكلت على الأثر
محكمة ومؤتمر
فقائل قال : قضاء وقدر
وقائل : لقد كفر
وقائل: إلى سقـر
وبعضهم قال امنحوه فرصة أخيرة
لعله يعود للحظيرة
وفي ختام المؤتمر
تقاسموا مربطه، وجمدوا شعيره
وبعد عام وقعت حادثة مثيرة
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا