![]() |
الشاعرة المبدعة سكينة حبيب الله |
![]() |
الشاعرة المبدعة سكينة حبيب الله |
في التاريخ العربي، لم يكن الشعر مجرد فنٍّ لغوي أو ترفٍ بلاغي، بل كان جوهر الهوية الثقافية وذاكرة الأمة، وأداةً لتخليد المآثر والأحداث. كما كان وسيلة لحفظ الحقوق، ومدح المكارم، وهجاء الخصوم، ورثاء الأبطال. احتل الشعر مكانة مقدّسة في حياة العرب، ولذا كان سوق عُكاظ، المنصة التي كانت تُتداول فيها القصائد، ويتم الحكم على جودتها من قبل فطاحل الشعراء، ومن يفوز بنصيب من المجد في هذا السوق، يضمن لنفسه ولمدحه أو هجائه خلودًا في ذاكرة العرب.
يقول ابن رشيق القيرواني: "كانت القبيلة من العرب، إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها وأقامت الولائم، واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان، لأنه حماية لأعراضهم، وذبٌ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم...."
ومن هنا، وُصِف الشعر بأنه "ديوان العرب"، لأنه وثّق أنسابهم، ومآثرهم، وانتصاراتهم وهزائمهم، وحتى تفاصيل حياتهم اليومية.
لم يكن التأريخ بالمعنى الحديث حاضرا آنذاك، بل كان الشعر هو الوسيلة الرئيسة لحفظ التاريخ ونقله عبر الأجيال.
أبلغ تعبير عن تقديس العرب للشعر كان في "المعلّقات"، وهي قصائد قيل إنها كُتبت بماء الذهب وعُلِّقت على أستار الكعبة تقديرًا لمكانتها الأدبية، وإن لم يكن ذلك أمرًا مؤكدًا تاريخيًا، إلا أن الرواية تعكس حجم الاحترام الذي أُحيط به هؤلاء الشعراء، مثل امرئ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد.
لم ينته اليوم زمن المعلّقات، فمن أرض المعلّقات، انطلقت النسخة الثانية من أكبر مسابقة شعرية سنوية، بإشراف من وزارة الثقافة السعودية، وتبثّ عبر القناة الثقافية تحت إسم المعلّقة، وستبث الحلقة النهائية منها نهاية الأسبوع المقبل.
في هذا المحفل الأدبي الرفيع، يلتقي نخبة الشعراء العرب وعددهم 36 شاعرا في فئات الشعر الثلاث (الشعر النبطي، قصيدة النثر والشعر الفصيح) في منافسة تمتد لأكثر من شهر، حيث تتجلى روح الإبداع في أبهى صورها.
وكما كانت المعلقات رمزًا للخلود، ستُخلَّد القصائد الفائزة بتعليقها في أحد أبرز المواقع في الرياض، وسط احتفاء يليق بعاصمة الحرف والمجد.
تتألف لجان التحكيم في الموسم الثاني من برنامج "المعلّقة"، من عدد من الشعراء والمختصين في كل فئة من الفئات الثلاث للقصائد المقدمة.
ففي فئة الشعر النبطي: أ. سفر الدغيلبي، أ.فهد عافت، وأ. حامد زيد. أما في فئة الشعر الفصيح والشعر الحر، فتتألف اللجنة من: د. عارف الساعدي، د. فوزية أبو خالد، وأ. محمد إبراهيم يعقوب.
مهمة هذه اللجان هي تقييم أداء المشاركين في كل فئة وتحديد المتأهلين والمتميزين في المسابقة، ضمن معايير واضحة لضمان أن الفائزين هم أصحاب الإبداع الحقيقي، القادرون على الجمع بين الأصالة والابتكار، وبين الجمال اللغوي وعمق المضمون، مما يرفع من مستوى الشعر العربي، ويثري ساحة الأدب الحديث. تنافس في الحلقة الأولى من الموسم الثاني في صنف قصيدة النثر: الشاعر ميثم راضي والشاعر حسين آل عمار. وفي فئة الشعر النبطي: الشاعر عبدالله بن عميش والشاعر شايش العطاوي. أما عن فئة الشعر الفصيح، فقد تنافست الشاعرة تهاني الصبيح والشاعر حسن المطروشي.
ثم تتناسل الحلقات تباعا بشكل أسبوعي، حتى نصل إلى الحلقة ما قبل الأخيرة. وهي حلقة التأهل للفوز. فنجد تنافس المتسابقين في مواجهة ثلاثية تنقسم على مجموعتين لخطف التأهل إلى المرحلة النهائية.
عن فئة قصيدة النثر: الشاعر ماجد الثبيتي والشاعر محمد الماجد والشاعر ميثم راضي. في المقابل من المجموعة الأخرى، نجد الشاعر تركي نايف والشاعر محمد البدي والشاعرة سكينة حبيب الله. ثم في فئة الشعر النبطي: الشاعر علي أبا السيقان والشاعر ناصر الحمادين والشاعر فالح أبو عضيدة. ويقابلها في المجموعة الأخرى من نفس الفئة: الشاعر فارس السميري، والشاعر فيصل نماس، والشاعر شايش العطاوي. وأخيرا عن فئة الشعر الفصيح: نجد الشاعر حسن عامر، والشاعر طلال الطويرقي والشاعر إياد الحكمي. وفي المجموعة المقابلة نجد الشاعر حسن المطروشي والشاعر فايز ذياب، والشاعر هزبر محمود.
يستمر برنامج "المعلّقة" في تقديم منصة للتميز والإبداع، ورغم التنافس، يبقى الهدف الأسمى هو إثراء المشهد الثقافي العربي.
آية السيابي | مسقط، سلطنة عمان
مجلة فن السرد | متابعات
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا