المبدعة شيماء عبد المجيد |
عزيزي صاحب المقام الفريد الغالي،
أردت أن أحدثك قليلًا:
ها قد رأيتك تنظر إلي باهتمام وتنصت إلى حديثي وثرثرتي الفارغة أحيانًا بكل ود.
رأيتني أمسك بيديك في الطريق لا نعبأ بالمارة، يرقص قلبي كفراشة تتنقل بين الأزهار، أسمع صدى خطواتي معزوفة تحرك عذوبتها الجسمَ في رشاقة، فيلتف حولك
كأنك الشمس لكوكب يبحث عن الحياة.
أراك بجانبي نجلس على شاطئ البحر ليلا، نستمع إلى هدير مائه وتلاطم أمواجه، تزدان السماء بنجوم تضيء عتمتها ويتوسطها القمر مطلا ككوكب دري. أضع يدي في يديك، أستشعر دفئها، أتدثر بها وأوميء برأسي على كتفك هامسة: هل عرفت الحب يومًا؟
وأسارعك قبل أن تجيب، أعلم أنك مارست فنونا من الحب كثيرا، ولكن الحب حقا هل عرفته؟ هل أدركت ما كنهه؟
فهناك حب تتكفل به الأيام فتحيله كأوراق الشجر في الخريف يتساقط مع أول لفحة من رياح طفيفة.
البعد قد يحيل الحب المادي؛ حب الصور والأسباب إلى ذكرى بمضي الوقت، وقد ينسيك إياه طيف لآخر تبادله المشاعر والأهواء، ويرحل ويأتي آخر، ولكن ما يسكن الروح هل عرفته؟
ذلك من يظل حاضرا رغم الغياب، بل يزداد حبه بالغياب ويزداد القلب به تعلقا، لا يفارق العقل والقلب والعين فيطبع على القلب فلا ترى العين غيره ويذهب العقل فيه بلا رجعة.
ذلك الذي نظرته فقط، تلقي بك في غمار السعادة، من يساوي قليله ملء الأرض ذهبا لأنه صادق بلا غرض.
ذلك الذي لا شفاء منه يرتجى، ولا أمل في نسيان أو طيف آخر يكون هو الملتجأ.
من لا تجدي معه كل محاولات الهروب، وتجد نفسك في كل مرة ترفع راية التسليم متعهدا ألا تحاول مجددا.
هذا ما أسأل عنه، أجبني هل عرفته؟
من تسمع أنين روحك لبعدك عنه، وتشقى في بعده كشقاء ضال في الصحراء، لايملك المضي قدما أو عودة لأصله ومكانه؛ فقد بوصلته وترك مكانه القديم.
تمنيت لو أعرف منك قبل أن تطوي الأيام صفحتنا، هل عرفت ذاك الحب أم أنك مازلت تعرف فنونه فقط.
أعلم أنك كنت تنكره لكن هل تيقنت من وجوده؟ أو مر على خاطرك يوما حتى وإن ذهب أو تنكرت له ثانية، لكن يكفيني أن يكون قد مرّ..مرّ فقط عليك.
مجلة فن السرد | مشاتل
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا