غصة مكتومة
تفيض دموعي في صمت رهيب، فتظل عالقة في أحداقي، وأنا أنظر إلى ابتسامة تعلو وجهها المبتسم، تداري الألم الذي لم يترك جزء من جسدها إلا وألم به، أمسيت وقتا طويلا أترقب وقت شفائها، كنت أمنع الملائكة من أخذ روحها في ذلك الحلم الذي بات يقض مضجعي، وكل مرة تشفى وتعود إلى طبيعتها..وعلى حين غفلة، أومأت برأسها وسقطت مغشيا عليها، غابت ردحا ثم عادت، لتخبرني أنها بخير، لكن هيهات هيهات، فقد سبقني هادم اللذات...
غادرتني على خشبة الحنين المتدفق إليها، والناي يواصل العزف على قصب الألم، يحبو حزني الحافي بين الطرقات، أصبحت أتقن قضم الآه وابتلاع الجروح التي استرسلت على زوايا عمري، علني أشفى من سقم الغياب...
ما زال ذاك الأمس يسكنني، عندما سرت حافيا على شوك اليتم، أبحث عن دفء روحي التي ما فتئت تبحث عن ظل أب ...
شلال الذكريات يجرفني إلى قاع سحيق، مر هو طعم السنين عندما تحس أن عقارب الزمن لا تتوقف حتى لو توقفت عن عدها، مصلوب في عمق وجع صامت يسكن قلبي، إنه وجع الروح، إنها أنا ، أنا التي توجعني.
ارتجفت حينما داهمتني قائلة:
لا أحد يستطيع شم أحزانك مهما امتلأ صدرك برائحة احتراقها، أعرف أنك وحيد الآن، تقاتل أفكارك ومخاوفك، اجمع جروحك بخيط من يقين، فهناك نور يربطك بالسماء، حين يسوء حالك سيخبرك بأن هناك من يرعاك ويؤنس وحدتك، فاتركها تنام بسلام، فهي في كنف الرحمان.
ألقيت بجسمي المنهك على مقاعد الانتظار، أنظر إليها بحيرة عبر مرآتي المهترئة التي طالها الصدأ ، أحاول أن ألملم كلماتي المبعثرة فوق سطور أيامي.
إني لأجد عطرها محملا على أكف السحاب رغم البعد، وأسمع همس كلماتها كلما غفا الليل في أحضان أوجاعي، أصبح طيفها زائرا يحصد ربيع عمري والمنى، مثقل أنا بأكوام الشوق المسيج بالشوك...
كم أشتاق لحضنها الدافئ، ألملم فيه أوراقي المتساقطة المنسية في نهر الاحزان، وأغيب...نغيب في زحمة أفكار الوجد....
بادرتني متنهدة : يا أنا إنني هنا ألملم بعضي من كلك، بعصارة قلقي وصبابتي، لتعود أنت كما كنت ملهم كتاباتي....وأبقى أنا عروس الوجع، أذهب إليك في عزلتي، وأتحدث إليك عندما أريد الصمت، تعال نسكت هطل المآقي...ونعلن انتصار لون الفرح، فمهما طال الفراق فحتما سيحين...وقت اللقاء.
في جنة الفردوس الأعلى.
مجلة فن السرد | مشاتل
إرسال تعليق