فَـــنُّ السَّــــرْد

منبـر أدبـي ثقافي

recent

آخر المقالات

recent
recent
جاري التحميل ...

هكذا تكلم مروان I عزيز ستراوي

 

مجلة فن السرد
المبدع عزيز ستراوي

                                 

 الرواية التي بين يدي، وجدتها مملة وبدون طعم. انصرفت عنها ورحت اْلاحق بعيني الصواريخ الورقية وهي تعبر من  اْمام شرفتي، تطير محومة  وتمضي  طليقة جامحة. لست اْدري الى اْين  ستحط رحالها. 

أعرف من يطلقها، إنه  مروان،  ابن جارنا  الذي يقطن في الطابق الرابع، ومن غيره؟ لقد مل الرسم وبرامج الأطفال في التلفاز، وألعاب الفيديو، وهاهو يجرب الآن  لعبة الصواريخ. 

 اْغبط هؤلاء الأطفال  لاْنهم يعرفون كيف يستمتعون باْوقاتهم، و يقتلون الملل  في هذه الأيام  الكوفيدية الخانقة. 

ذلك الصاروخ الورقي لمحته  يدور دورتين ثم ينفذ إلى شرفتي، ويسقط عند قدمي.                     

- اْهلا بالضيف العزيز !

 أطرح الرواية جانبا، اْنحني واْلتقطه، أصاب بالدهشة ! على جناحيه  كتب مروان بحروف بارزة مرتعشة  لا تخطئها العين:   ماما اْين اْنت ؟                                                                  

 صرخة مروان تصدمني وتبعثر اْوراقي ! صرخة موجعة كانت  تجثم على صدره الصغير ، ولم يعد المسكين قادراعلى تحملها، وهاهو يحولها الى صواريخ غاضبة  مازلت إلى الآن اْرقبها  وهي تتساقط اْمام شرفتي تباعا، و في كل صاروخ رسالة  تتحرق شوقا إلى الماما  الغائبة . اْمن الحكمة اْن يتركه أبوه في المنزل فريسة همه ووحدته؟

 علي اْن أتصرف!  كيف اْخرج  هذا الولد الشقي من  هذه الورطة  ؟  ما عساي اْن أفعله من أجل كبح نرفزته  ؟  فكرت اْن أصعد واْطرق باب مروان. هل سيستمع الى طرقاتي  ونداءاتي؟  وهل ستنفع  توسلاتي  لتهدئته، وجبر خاطره؟ 

اْعرفه جيدا، بقدر ماهو طفل طيب، مشاكس في أحيان كثيرة، عصبي المزاج ومتهور.  وقد  تراه الآن  منكبا على كراريسه المدرسية يفتك بها، ولن يتركها حتى ينتزع منها آخر ورقة بيضاء . 

لكن ماذا يحدث لو نفذت كل مذخراته الورقية ؟ كيف سيصنع صواريخه؟  ياللكارثة !  أتوقع اْن يفعلها !  هل يستطيع؟   ومن الذي يمنعه ؟  مصعوقا اْترقب في كل لحظة اْن اْرى مروان  يعبر شرفتي  وقد تحول إلى صاروخ ورقي ؟ آه من تلك السقطة المميتة!

عفوا، الصاروخ الورقي مازال بين يدي . لم يكتب مروان على جناحيه أي شيء، اْنا الذي لفقت له هذه الأكاذيب . مروان الغاضب كذب . الأم الغائبة كذب، بل  كلما رويته كذب في كذب . كل هذه الاْكاذيب التي افتريت عليكم  طمعا في الخروج بقصة مشوقة. لكن يبدو لي اْنها مملة وبدون طعم . قصة سيمجها رجال التربية ويستقبحها الناشرون،  قصة مرة، سادية  تشجع الأطفال على الانتحار. لكن ماعساي اْن اْفعل  لاْتخلص من الملل ، ومن شرنقة الحجر ؟

 - بسيطة ! الق بنفسك من الشرفة ! سقطة بخفة الصاروخ  تريحك وتريحنا اْجمعين !

 هكذا وسوس هامسا في اْذني شيطاني اللعين .

                                                                         

                                                                       مجلة فن السرد/ محاكاة  

عن الكاتب

مجلة فن السرد

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

فَـــنُّ السَّــــرْد