1) سخافة
أنهض في الصباح الباكر، أمشي على أطراف أصابعي، أتفادى إحداث جلبة في
منزلنا كي لا يسمعني أحد. أنطلق مسرعا إلى المقهى صامتا. أقطع الزقاق الضيق الذي
يضج بالحياة. أسارع خطوات تلاميذ المدارس والأطفال الصغار الذين احتلوا وجهة
البيوت، والنسوة اللواتي يذهبن إلى محل "الدرب" من أجل اقتناء الخبز
والزبدة وما تتطلبه وجبتي الإفطار والغداء.
انزوي داخل مقهى "السوسي" العريق، أطلب قهوتي، أسل قلمي من
مفكرتي لأخط قصة، ينسل القلم من بين أصابعي رافضا مطاوعتي وأخرج ما بخاطري من
سخافات...القلم متشبث بعناده.
أمسكه بعنف، وبدأت في ملء السطور بالخراب والعنف والاغتصاب والحروب... في
لحظة شرود يسكب كوب القهوة على الورقة، انزعجت ورميت بالقلم بعيدا، التقطه شيخ
ورسم على حواف جريدته، طبيعة.. شلال، نهر، شمس، سمك...
2) مولودي
في ذلك الصباح الصيفي، لم يكن في ذهني أن أفتح شبكة
الانترنيت على هاتفي، لكنني تراجعت، ففتحت بريدي الالكتروني، فكانت المفاجأة، رد
من دار النشر بطباعة ديواني الأول، مولود أناملي الأول "شوق".
تنهت فصعد في فضائي همس الزهور وحفيف الغصون وخرير
الوديان، وعلى عجل اتصلت بمحبوبتي لأنقل لها الخبر، وكما هي عادتها شاركتني الفرحة
وضربت لي موعدا بمقهانا المعهود.
بعد دوامي عرجت على كشك لأقتني جريدتي اليومية وإذا بي
أرى إعلانا لديواني الأول في ركن إعلانات الكتب. من شدة فرحي اقتنيت عدة نسخ من
الجريدة واتجهت إلى المقهى. بين الفينة والأخرى أتلصص على الإعلان. إنه ديواني الأول،
إنه صدى أحاسيسي ونسيم حريتي...
3) المنافسة
في مكتب مؤثث بشكل مبالغ فيه، ملابس أنيقة، بطون عامرة
وقلوب خاوية.
أعلن رئيس الجلسة عن بداية الاجتماع، لدراسة والبث في
الملفات المعروضة على مجلسه.
يفتحون أظرفة المشروع، يفوزون بالاختيار، يصنعون انجازا
يناسب جشعهم وطمعهم يرافقهم فيه رقيب مرتشي.
ينتهي المشروع، ينهبون المال في فرح، يستعدون لحفل افتتاح
المنشأة، يوزعون برنامج الحفل، في أوله:
افتتاح بآيات من الذكر الحكيم
لاشك أن من يصفق أولا في الحفل يكون المتهم الأول
بالاختلاس.
كان الفرح العارم يملأ القاعة، تزهو بروائح أزكى
المأكولات وألذها، يغادرون المكان مبتهجين أغنياء.
بعد شهور...
تشققت المنشأة !!!
كمال العود -مدينة أولاد تايمة- المغرب
إرسال تعليق