فَـــنُّ السَّــــرْد

منبـر أدبـي ثقافي

recent

آخر المقالات

recent
recent
جاري التحميل ...

الرسائل الأيديولوجية في رواية " انديغراوند أو بطل من زماننا " للكاتب فلاديمير ماكانين I حسين علي خضير

 

فلاديمير ماكانين
الكاتب الروسي فلاديمير ماكانين

الرسائل الأيديولوجية في رواية " انديغراوند او بطل من زماننا " للكاتب فلاديمير ماكانين، قراءة للكاتب والمترجم حسين علي خضير

 

     هذه الرواية هي واحدة من أشهر الروايات في القرن العشرين، كتبت في عام 1998، جلبت الشهرة لكاتبها فلاديمير ماكانين ( 1937 – 2017 )، بطل هذه الرواية هو بتروفيتش – وهو يمتلك موهبة أدبية، ولكن بسبب مبادئه التي يؤمن بها، يرفض نشر أعماله الأدبية ويتلفها. لا يريد أن يكتب أي شيء آخر حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإلغاء الرقابة.

 بدأ العديد من الكتاب في نشر أعمالهم التي جلبت لهم الشهرة، ولكن بتروفيتش يختلف عن الآخرين، فهو يريد أن يصبح مستقلاً عن المجتمع، حتى انه فقد وظيفته، الكثير نصح بتروفيتش بالذهاب الى بودموسكوفيا، حيث يبحثون عن موظف في مخزن. لقد عاش بتروفيتش في ظروف رهيبة، ولكنه تعود تدريجياً على الوضع الحرج. وفيما بعد، حصل بتروفيتش على وظيفة حارس أمن في " سكن جماعي ".

يجد نفسه في عالم المهمشين، مهتماً حصرياً بالاحتياجات المادية، وغياب الجانب الروحي. يراقب بتروفيتش الناس وهم يسارعون إلى العمل، الناس في هذا السكن يهتمون فقط بالطعام ومشاهدة التلفاز بعد العمل، وبالتالي هو يشفق عليهم جداً. ينتقد بتروفيتش الديموقراطيين الذين ينقادون ويستسلمون إلى فكرة معينة، مثل النظام السابق.

 ارتبط بتروفيتش بعلاقة حب مع الشاعرة فيرونيكا، وفيما بعد أصبحت هذه الشاعرة موظفة، وانتهت علاقتهم الرومانسية. وتم طرده من " السكن الجماعي ". انتهى به المطاف في مستشفى للأمراض العقلية، ولكنه تمكن من الفرار من هذا المكان. يعود بتروفيتش إلى " السكن الجماعي "، ولكن أثناء غيابه أصبحت جميع الغرف ملكية خاصة لشخص ما، وتقريباً هذه اهم الاحداث التي تجري في الرواية .

       تحدث الناقد ك. أ . ستبينيان  عن أهمية هذه الرواية، قائلاً: " هي أنموذج كلاسيكي للأدب الروسي ما بعد الحداثة "، استخدم الكاتب فلاديمير ماكانين في روايته هذه الكثير من الاقتباسات التي تعود إلى الأدب الروسي الكلاسيكي، حتى ان جزء من عنوان الرواية مأخوذ من رواية ليرمنتوف " بطل من زماننا ".  

    وقد تميزت فترة الثمانينات والتسعينات في القرن العشرين بتقليد النص الكلاسيكي، والدخول في جدل مع هذا النص أو اعادة فهمه، وتعتبر هذه المرحلة انتقالية في تطور الادب الروسي.

      لا تزال هذه الرواية من أهم أعمال الكاتب ماكانين، صنع ماكانين من بيتروفيتش بطلاً للرواية، وترك له الحرية داخل النص. بيتروفيتش ليس فقط هو الشخصية الرئيسة، بل هو النقطة المحورية في الرواية، واقع الرواية يعتمد كلياً على نظرة ووعي البطل الرئيس، تتميز الرواية بنظام معقد جداً من الصور الشبيه بالشخصيات المشهورة في الأدب الروسي الكلاسيكي، ويحمل النص طابعا تعقيديا وشاعريا، وكذلك فيه تلميحات وذكريات، ميزت فيه أدب ما بعد الحداثة.  

هذه الرواية هي امتداد لرواية " مذكرات قبو " والتي بطلها انسان كسول وخائف، ولكن في ذات الوقت هو مسلح بالوعي والذكاء، يفكر كثيرا، لا يجد الحب والاحترام من قبل الآخرين لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع الناس، أما بطل ماكانين، موهوب جدا في مجال الأدب، ينتقد ويرفض المجتمع، يفكرا كثيرا بالمجتمع الذي يحيط به. العامل المشترك بين هؤلاء الأبطال هو الذكاء والوعي، وهما يفكران كثيراً، ولكنهما لا يلتقون في مسألة ما، وهي أن بطل ماكانين يتقن التعامل مع الناس، أما بطل دوستويفسكي، لا يتقن فن التعامل مع الناس.

 ومن الرسائل المهمة  أيضاً التي أرسلها الكاتب ماكانين في هذه الرواية، هي ظهور طبقة رجال الأعمال وامتلاكهم للمجتمع الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

         وأخيرا، هذا العمل يُعَدُّ نقطة تحول في تاريخ الأدب الروسي الحديث، لأنه سَلَّط الضوء على مرحلة حرجة في 

تاريخ روسيا المعاصر، وجعل من بتروفيتش بطلا لهذا الزمان وانعكاسا لروسيا المغمورة في التحولات الأيديولوجية.


حسين علي خضير


مجلة فن السرد/ قراءات ودراسات

عن الكاتب

مجلة فن السرد

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

فَـــنُّ السَّــــرْد