غيْرَةُ ميكانيكي | الحسن آيت العامل

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: لكن حازما حينما عاد في ذاك المساء إلى بيته، بعدما اتصلت به زوجته، وأخبرته أنها طريحة الفراش، وأنها تتألم بفعل "ضرس العقل"، قرر أن يحمل معه صندوق الأدو

 

الحسن ايت العامل
المبدع الحسن آيت العامل

غيْرَةُ ميكانيكي


عاد حازم من ورشته الخاصة بإصلاح السيارات. فقد كان ميكانيكيا لا يشق له غبار، ولا ينافسه في الحرفة منافس، وكل "المعلمين" ينحنون أمام موهبته، وحنكته في إصلاح الأعطاب كيفما كان نوعها. وﻷنه كذلك، فقد كان متباهيا بموهبته أمام الجميع. لكن حازما لم يستطع يوما أن يدير أمور بيته. فقد كانت زوجته قاسية وذكية، لا تذر له مجالا للتباهي أو التحكم فيها. إنها "معلمة" بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

لكن حازما حينما عاد في ذاك المساء إلى بيته، بعدما اتصلت به زوجته، وأخبرته أنها طريحة الفراش، وأنها تتألم بفعل "ضرس العقل"، قرر أن يحمل معه صندوق الأدوات والمفاتيح. 

دخل إلى البيت، وأحكم إغلاق الباب، ثم توجه إلى غرفة طفليه، وناولهما الحلويات التي جلبها معه في طريق العودة، ثم توجه تلقاء غرفة النوم. دخل، وأدخل معه الحقيبة اليدوية. 

على السرير وجد زوجته ممددة على ظهرها تتأوه من فظاعة الألم. استغربت الزوجة حينما رأت حازما بحالته المتسخة؛ ﻷنه لم يغير ملابسه، واستغربت أكثر حينما رأت الصندوق في يده اليمنى..

تقدم نحوها، وضع الصندوق الحديدي بجانبها، رفع عنها الملاءة في هدوء، أما هي فظلت تترقب ما هو فاعل بها.

استخرج حبلا، وأحكم ربط يديها ورجليها، ثم أخذ آلة من حديد، وأدخلها بين فكيها حتى يظل فمها مفتوحا، وحتى يمنعها من إصدار أصوات أو صرخات.

استخرج الأدوات الحديدية، وشرع يفك زوجته من مفاصلها. فك الرجلين ووضعهما جانبا، ثم قال: "هذان الرجلان تخرجان دون إذن مني. فلا حاجة لك بهما". أما الزوجة، فقد تشققت عيناها، وجحظتا من شدة الألم، وصدمة لم تتوقعها يوما من حازم الحنون.

ثم تفقد حازم فخذيها في ذهول عجيب، وتمنى لو أنه يعفو عنهما؛ فقد منحتاه الحب. لكن صدى الكلمات التي تلقتها أذناه يوما من فم زبون حينما مرت زوجته بمحاذاة الورشة أفقدته صوابه يوم قال: "الله الله على لاطاي. هذه المرأة يجب أن ينحت لها تمثال من ذهب مصفى. هل رأيت يا لمعلم هذا الجمال؟".

تذكر حازم هذه الكلمات، ورفع مفك البراغي، وشرع يفك فخذيها واحدا واحدا بدقة وتفنن عجيب. رفع الفخذ الأولى، كم كانت ثقيلة، ووضعها جانبا. ثم الثانية بعدها.

أما الزوجة، فلم تدر ماذا تفعل.

تفحص حازم وجهها البريء، عينيها النجلاوين. فمها الشهد، وقال: "أي ظلم هذا الذي اقترفت..؟".

لكن صوتا آخر تردد في طبلة أذنه: "لعنة الله على رجل رفعت زوجته صوتها في حضرته". كان ذاك صوت الولد الذي يعلمه في الورشة. سمعه حينما مد له بضع قطع نقدية أجر تعبه الأسبوعي. لذلك، رفع حازم مدية طويلة، وأخرج لسان زوجته، وقطعه من جذره، وظلت اللهاة تتحرك في ذهول.

جمع حازم أطراف زوجته، ورماها في سلة القمامة. فك ما تبقى من جسدها، ورفع نصفها العلوي، ووضعه في كرسي متحرك. نزع كل الحب من قلبه، وعاد إلى ورشته وقد صار رجلا.


مجلة فن السرد/ محاكاة

التصنيفات

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك تعليقك هنا

ليست هناك تعليقات
2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث