لوحة للفنان العربي الحميدي |
قصتان قصيرتان جدا مأخوذتان من الكتاب القصصي "رقصة النّار" للكاتبة التونسية المبدعة فتحية دبش |
الغريب
في الصّباح يحتسي القهوة، يأكل كرواسان أو خبز الشوكولاطة السّاخن. يقف طويلا أمام المرآة وهو يفرك أسنانه، ثمّ يعدّل من ربطة العنق.
في المساء يعود متعبا قليلا، يقبّل زوجته وأطفاله، يعلّق مفتاح السّيّارة قبل أن يدخل بيت الحمّام ويغتسل طويييلا.
ينظر إلى المرآة مرّة أخرى ليبحث عن وجهه.
المتسلّق
يبحث في متاهات المدينة عن شارع ضيّق سيّء الإنارة، لا يئنّ إسفلته، ولا يشكو غياب المارّة، وعن آخر منسيّ. يبحث عن الضّحكات التي لم تغادر تهويماته فلم يسمعها أحد، والمعارك التي لم يخضها حين كان منشغلا بحسناوات يعْبُرن دون التفاتة. [...] وعن وطن لم يكن له صنوا ولا جنديّا ولا حارسا. أشياء كثيرة كانت تخطّ في رأسه خطوطا بالطّول وبالعرض وهو يبحث في المدينة عن شارع ضيّق سيّء الإنارة.
القطّ الذي كان يتسلّق ليليّا جدران البيوت ويبحث في أكياس القمامة عن لقمة، يصدر مواء حزينا: " هذا الذي يبحث الآن عن شارع ضيّق سيّء الإنارة، حيث لا أحد يعرف حقيقتَه، كان رفيقي!".
الكاتبة فتحية دبش |
مجلة فن السرد/ محــاكــاة
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا