فَـــنُّ السَّــــرْد

منبـر أدبـي ثقافي

recent

آخر المقالات

recent
recent
جاري التحميل ...

مِنْ مُسَبِّبَاتِ خِطَابِ "كوزينتك" المُتَجَذِّر I أحمد شرقي


القاص أحمد شرقي
بقلم القاص والباحث: أحمد شرقي




كلما حققت المرأة نجاحا عظيما في مجال من المجالات، رياضيا أو سياسيا أو فنيا..رافقت ذلك النجاح أصوات مزعجة، حاقدةٌ ومحدودة الوعي، مطالبةً بعودة السيدات إلى المطابخ..! وكلما أصابتنا مصيبة أنسبناها إلى المرأة، فحتى الزلزال الذي دمّر منطقة الحوز، أرجعه بعض المُعلِّقين، والمُعلقات أيضا، إلى الفتنة التي تسببت فيها النساء في زمننا؛ لأنهن سبب الفساد والمصائب ! 

 تتميز الخطابات التي ترُوج في مواقع  التواصل الاجتماعي، في نظري، بأمرين اثنين:  في الفرح، خطابات تستهزئ بالمرأة وتسخر منها بشتى الوسائل( تعليقات، صور، فيديوهات...) وفي القرح، خطابات تُلصق مصائب الدنيا بالمرأة..

 ولأن النهوض بقضايا المرأة لا يمكن أن يتحقق في الحاضر، مالم نرصد واقعها في الماضي ونفهمه، هذا الواقع الذي يترك رواسبا تتخذ أشكالا متعددة يصعب الانسلاخ عنها..دعونا نلقي نظرة سريعة على صورة المرأة في الأمثال الشعبية المغربية، هذه الأمثال التي طالما أثارت اهتمامي بمضامينها ومعانيها.

 تعتبر الأمثال الشعبية إرثا مُهمّا يعكس عادات الشعوب وتقاليدها وقيمها وأفكارها، وتلخص ثقافة وتاريخ المجتمعات.

صورة المرأة في الأمثال الشعبية المغربية، عانت من التعتيم والحيف، والاستخفاف بمردودها، في الأسرة والمجتمع ككل، فليس لها رأي ولا قرار، وفي أحسن الحالات "شاورها وماديرش برايها"، صوّرتها بعض الأمثال على أنها مذمومة سيئة الأخلاق: “ديرها ف الرجال و نساها وديرها ف النسا و ترجاها" ومن كلام عبد الرحمان المجدوب "سوق النسا سوق مطيار يا الداخلو رد بالك، يوريك من الربح قنطار ويرزيك فراس مالك"، وغيرها من الأمثال كثير، حيث أشاعت صورةً مغلوطة وسيئة عن المرأة، ساهمت في التنشئة الاجتماعية لأجيال وأجيال. وفي ما يلي جرد لبعض الأمثال الشعبية المغربية التي تصب في الاتجاه نفسه:

المرا ضلعة عوجة.

الطول طول نخله، والعقل عقل بغله.

ف منزلة البردة، تضرب السمرة حتى للكبدة، وترد لعروسة جلده، ولعكَوزة قردة.

اللبن والزبدة كانو اخوتات، ما فرقوهم غير لعيالات.

الحرة ايلا صبرت، دارها عمرت.

الحجلة لخفيفة من سعد الصياد.

الله انجيك من الحاجبة ايلا طلات، ومن البايرة ايلا طلبات الصداق.

امشات عيشه تجيب القزبور، جات حامله من سبع شهور، ولو كان ماخافت من الطلاق، كن بقات حتى خلاق.

اعط بنتك، وزيد عصيدة.

زوّج بنتك وبعّد دارها، مايجيك غير خبارها.

اعطاها عشر ريال ف الصداق، وبغاها تولد ليه قايد.

خادها بسبع فرنك، وبغاها تولد لو قايد.

اضرب اللوسة، تخاف لعروسة.

كن أزماني حرش، وها وجهي بوس واطرش.

تلاثة كيفرقو بين الخوت: المال والنسا والموت.

خد بنت عمك، تصبر على همك.

دبا تمشي ايام وتجي ايام، لعيالات تمشي للسوق والرجال تحضي الخيام.

قالّو اش المعمول يا قاضي ف عيشة، قالّو طلقها وانا ناخذها.

كحلة ومكحلة وكَالسة ف طرف السوق، وخايفة من العين.

لمرا ايلا شافت الشيب، بحال النعجة ايلا شافت الديب.

لو كان الخير فيا، ما يتزوج راجلي عليا.

لا مزيانة للمنظر، لا خفيفة تتسخر.

لا تكسب بقرة نطاحة، ولا تتزوج امرا نواحة.

اللي خاد بنت عمو بحال اللي عيّد من غنمو.

اللي عينو ف لعذاب، يخالط النسا ولكلاب.

اللي تزوجها قد مو ترفد ليه همو.

اللي عندو امرا وحدة هجال، واللي دار الثانية دار الفال، واللي تزوج بالثالثة عوال، واللي عندو الرابعه عاد امكن ليه يجلس مع الرجال.

هادي من لغرايب، لمرا مكحلة والراجل غايب.


شكلت المرأة موضوعا رئيسيا في الأمثال الشعبية المذكورة سلفا، والتي تتفق كلها على كون المرأة سيئة الأخلاق، يقتصر دورها في الحياة على الإنجاب " خادها بسبع فرنك، وبغاها تولد لو قايد " وخدمة الزوج والأسرة ككل، بل وذهبت العديد من هذه الأمثال إلى أبعد من ذلك، حيث شبهتها بالحيوان " لا تكسب بقرة نطاحة، ولا تتزوج امرا نواحة" و " اللي خاد بنت عمو بحال اللي عيّد من غنمو" و "الطول طول نخله، والعقل عقل بغله". 

وبه يكون هذا الموروث الثقافي/الشعبي، ومن خلال هذه العينة التي جمعناها من الأمثال، قد أجمع على تقديم صورة سلبية عن المرأة، وجعل منها شرا، أو أداة في يد الرجل والمجتمع ككل لتحقيق أهدافه ونزواته، وكأنها كائن لاإنساني من طبيعة مختلفة، بالمقابل، تكاد تنعدم الأمثال التي تمدح محاسن ومزايا المرأة على أسرتها ومجتمعها.

وانطلاقا من هذا الجرد المتواضع، يمكننا القول إن خطاب كوزينتك هو امتداد لخطاب شعبي قديم، أعتبره من مسببات هذا الخطاب الحديث، الذي يغزو مواقع التواصل الاجتماعي كلما حققت المرأة نجاحا ما، أو دون أن تحققه؛ خطاب  يبخس قيمة المرأة، ويربطها دائما بالإنجاب والمطبخ..وهو للأسف ما يفضح النظرة القاصرة للكثيرين منا، ممن يتبنون خطاب كوزينتك المقيت، في زمن التطور العلمي الرهيب والذكاء الاصطناعي و و و...



مجلة فن السرد/ زوايا 

 تحديث: 17-09-2023

عن الكاتب

مجلة فن السرد

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

فَـــنُّ السَّــــرْد