الأدب القصصي التفاعلي في عصر الرقمنة من خلال مقال " السرد التفاعلي " لصاحبه "سيرج بوشاردون" I الروكي سكينة

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: يحيل الأدب التفاعلي على ذلك النص الأدبي الذي ولد في بيئة التكنولوجيا، لذلك وصفه المختصون في المجال بالأدب التكنولوجي، أو الأدب الإلكتروني، أدب اخت

مجلة فن السرد
الطالبة الباحثة سكينة الروكي


في إطار إعدادنا لسلسلة ملفات قصد نشرها في موقعكم الأدبي والثقافي 'مجلة فن السرد"، وإيمانا منا براهنية

 موضوع "الإبداع الأدبي في عصر الرقمنة"، رغم التطرق له من قبل في العديد من المقالات والمنابر والمناسبات...تواصلنا مع مبدعين ونقاد وباحثين، وطرحنا عليهم  الأسئلة الآتية، بهدف توضيح المفاهيم،

 وتحديد بعض إشكاليات علاقة الإبداع الأدبي بالرقميات:

 أي تأثير لثورة الرقميات على الإبداع؟ هل يتعلق الأمر بعلاقة تكامل؟ أم تهديد وتنافر؟

 هل من حضور للكتاب الإبداعي الالكتروني في المشهد الثقافي العربي؟ وهل سيعوّض الكتاب الورقي؟ ما تعريف الرواية الرقمية/التفاعلية؟ آليات البناء وحدود التلقي.

 

     الروكي سكينة، طالبة باحثة في سلك الدكتوراه


   مما لا غرابة فيه، فإن تناول موضوع الإبداع الأدبي في عصر الرقمنة يستدعي الإلمام  بالتغيرات الجيو اقتصادية

 والاجتماعية والسياسية التي أثرت في الإبداع والمبدع، وأيضا طريقة إنتاج النص، ومهما تكن تلك التغيرات فإنها

 لن تنفصل عن سياق العولمة وما أنتجته من تحولات، طورت الكتابة النثرية في العصر الحديث، وأسهمت في ظهور

 أشكال سردية حديثة كالروايةـ والسيرة الذاتية –والمقالة- والقصة...، التي تعد بمثابة مواليد جديدة تمخضت 

بتفاعل رصيد سردي تقليدي قديم، وتحولات ثقافية آنية فرضتها المجتمعات في ظل العولمة، فمنذ بداية

 القرن التاسع عشر وقع انفصال بين الأجناس الموروثة التي تركت الملعب لصالح أجناس أخرى تسمى بالأجناس

 الحديثة، لتحتل الأخيرة المساحة وتجلب انتباه القارئ لقيمها الجمالية، الشيء الذي صير صيغ التعبير القديمة 

تنحسر وتتراجع في مقابل أشكال جديدة برهنت على تفاعلها مع تحولات العالم الجديد بمكوناته وعلاقاته وقيمه،

 فأضحت بذلك متوائمة معه لأنها إحدى تمخضاته المعبرة عنه.

  يحيل الأدب التفاعلي على ذلك النص الأدبي الذي ولد في بيئة التكنولوجيا، لذلك وصفه المختصون

 في المجال بالأدب التكنولوجي، أو الأدب الإلكتروني، أدب اختارت له فاطمة البريكي وسم الجنس (التكنو-أدبي)، 

إذ ما كان له أن يتأتى بعيدا عن التكنولوجيا التي توفر له البرامج المخصصة " software" لكتابته،

 وفي حالة عدم الاستعانة بهذه البرامج، فلابد من الاستعانة بالخصائص التي تتيحها كتابة نص

 إلكتروني قائم على الروابط والوصلات على أقل تقدير.

  إن الأدب التفاعلي كونه أدبا ممثلا بذلك الأجناس الأدبية المتعارف عليها (شعر، قصة، مسرحية، رواية...) من جهة، وإلكترونيا من جهة أخرى، لا يمكن له بأنواعه المتعددة أن يتأتى لمتلقيه في صيغته الورقية، بل لابد له من الظهور في 

الصيغة الإلكترونية، خصوصا مع تعذر محاولات تحويل بعض النصوص من الإلكتروني إلى الورقي، عملية

 تسفر ميلاد هذا الجنس الأدبي الجديد الذي يستمد خصائصه من النص الجديد الظاهر على شاشات الحواسيب، 

واقد اصطلح عليه اسم" النص المتفرع".

   تتأسس البنية السردية في النصوص التفاعلية عامة، وفي القصة التفاعلية على وجه التحديد على

 تقديم الشخصيات، ويمكن أن تتعمق أكثر عن طريق رصد المحطات، والسيارات، وصفات الممثلين في النص الفائق.

 علاوة على ما سبق، لا يمكن إغفال التغييرات التي مست الزمن الذي لم يعد له دور في تكوين القصة،

 ويشكك في هذا الاعتبار، خاصة وأن السرد تمثيل للزمانية، وهكذا فإن السرد الأدبي التفاعلي يجعل العودة

 إلى الأساليب التي تشكل النص السردي على أساس عام من الأمور الممكنة، ما يسمح بإعادة النظر في بعض

 المفاهيم السردية في مقابل الدعامات التفاعلية، وبالتالي نكون متسائلين حول إمكانية توحيد المفاهيم لجعلها 

عالمية أم جعل بقائها مقتصرا على المادية أي الدعامة؟

 

يستأنف التفاعل تحدياته بعيدا بالبحث في السرد بنية يجب أن تكون لها وضعية بداية ووسط ونهاية،

 وبهذا تصبح القصة الأدبية التفاعلية عكس القصة المطبوعة التي تقدم سياجا ماديا، فعندما يصل القارئ

 مثلا إلى نهاية أمسية الشخصيات، يعيده رابط الارتباط التشعبي إلى بداية الحلقة الثانية 

ليتم بذلك تشجيع القارئ على استئناف القراءة على الفور ليعيش تجربة جديدة، وقد اقترح فرنسوا لولان 

خريطة جامعة لكل الحلقات على شكل عجلة، ليتمكن القارئ بذلك جمع جميع الأجزاء التي تشكل

 الغايات المحتملة للقصة، وتؤدي الروايات التفاعلية أيضا إلى إزاحة الوظائف في الجهاز السردي من 

خلال اللعب على الحدود بين القارئ من ناحية، وبين الشخصية والراوي والمؤلف من ناحية ثانية، 

ويزداد تكليفه بمهام تكون عادة من اختصاص الراوي من خلال اختيار وجهة النظر، والمكان، والوقت في القصة، وهذا مرده من طبيعة الحال إلى "اعتقاد الراوي" الذي يستجيب تقليديا إلى "الإيمان"، وبالتالي تتم مطالبة القارئ

 بالمشاركة في بناء القصة التي يقرأها ،ليكون الرهان الأكبر هو مطالبته بجعل الناس يؤمنون بنفس القصة، 

ومع كل هذا فقد يتساءل المرء عما إذا كان القارئ عندما يتم تكليفه أيضا بمهمة الاعتقاد لايزال له معنى، 

وبهذا المقترح تمسي تصرفات القارئ هي الأفعال في السرد الأدبي، فالفوضوية على سبيل المثال لم تعد

 قائمة على التمثيل بل على الانعكاسية، وبهذا تنماز العديد  من القصص الأدبية التفاعلية، ومسرحية التخييل

 والانعكاسية على وجه الخصوص، حيث توظف شخصيات خيالية وانعكاسية تسعى إلى تثبيت القارئ. ونقر في

 الصدد نفسه بوجود مكونات للسرد الأدبي التفاعلي، وهي: السرد المفرط، النص والسرد الحركي، 

والرواية الجماعية، وفوق كل شيء فإن قصة النص التشعبي تدل على التفاعل من خلال التنقل(الوصول)،

 ليكون الدور الذي تضطلع به القصة الحركية التفاعلية هو المناولة، والقصة الجماعية إدخال البيانات (الإنتاج)،

 وبقدر ما يتم الميل إلى اللعب على الحدود بين الأدب وألعاب الفيديو والفن الرقمي، فإن السرد الأدبي هو رمز 

لمشكلات تحديد المواقع التي تظهر في سياق الأدب الرقمي.

    ويسهل اختراق القصص، حيث يبدو أن القصص الأدبية التفاعلية تشير إلى تحول في مسألة الأدب والانفتاح على المعرفة، فإن لم نكن أمام أكثر من نص، فإن ما ينتج عن النص الرقمي هو تخيل للنص الذي يعد عملا عن الطبيعة الأدبية 

نفسها، ليغدو الأدبي في ظل هذه الاختلافات المختلفة ذا طابع ديمومي غير مادي، وفي بعض الأحيان يمكن القول بأن القصص الأدبية التفاعلية تميل إلى تقديم المعرفة بشكل دقيق.

  وإذا أردنا أن نتحدث بشكل عام سنقر بعمل أعمال السرد التفاعلي، مما يسمح للقارئ بالتدخل على

 مستويات مختلفة (جهاز القراءة، القصة، الهيكل، السرد)، وبالتالي تحويل الوظائف في السرد بدمج 

البرمجة النصية لأفعال القارئ، لتميل كل هذه الأعمال إلى فتح محو الأمية من خلال دفعنا إلى النظر إلى الأعمال

 الأدبية التي لا تلبي بداهة المعايير الكلاسيكية لمحو الأمية (فالنص غير ثابت، ولا ثابت، فالبعد المتعدد

 الوسائط تدخلات مادية من قبل القارئ).

ومن خلال طرحنا سؤالا عن جمالية جديدة، وأيضا عن التغيير الكبير في النموذج الأدبي تشكل القصص 

الأدبية التفاعلية تجارب أدبية على الحدود.

    يعبر تعبير السرد الأدبي التفاعلي عن أعمال متنوعة للغاية، حيث لا يبدو أن هناك احتمال دائم لجنس

 دائم في الوقت الحالي، ومن ناحية أخرى فإن مصلحة هذا الشيء في تنوعه وجانبه المتعددة الأشكال 

ويكمن في هيئة: القصة، جهاز تفاعلي، الوسائط المتعددة والأدب، ولأن السرد الأدبي التفاعلي يعمل من 

خلال لعبة التوترات، مع وجود التوتر بين السرد والتفاعل في المقدمة، فإنه يمتلك قوة الاستجواب حتى 

يمكن أن يلعب دورا كاشفا، وهذا التوتر بين السرد والتفاعل يكرر العلاقات أو التوترات الأخرى.

  فعلى مستوى السرد يمكن وصف التوتر بين الالتصاق والمسافة بمسرحية التخيل والانعكاسية، 

أما على مستوى الجهاز التفاعلي يمكن أن يتخذ التوتر بين الرعاية والتحكم شكل لعبة عند فقدان

 القارئ لقيضه، وفي إطار مستوى موارد الإعلام يمكن أن يؤدي التوتر بين السرد النصي وسرد الوسائط

 المتعددة إلى العمل على النص ككائن ديناميكي وشبه متعدد، ولكن أيضا على نطاق أوسع لعرض الأشياء التفاعلية الممنوحة بسلوكيات، وبخصوص مستوى النفس في الأدب يمكن أن يتجلى التوتر بين أفق التوقع والفجوة الجمالية

 من خلال مادية النص.

  يمكن أن نختم  بأن للمواقع الإلكترونية كبير تأثير على السرد الروائي ،خاصة وأنها تمس جوهر صناعته

 في مجتمعاتنا العربية، فيضيع بذلك الشغف الإبداعي الذي يعد أرضية أساسية يرتكز عليها الروائي العادي

 ليكتب روايته الورقية، وفي ظل انهماك أغلب الناس في قراءة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي 

انحسر وتوارى الروائي العادي فاسحا المجال لسرد جديد قائم على صيغ  مختلفة تماما عما كان

 سائدا ومعروفا لدى أغلب الروائيين الذين اشتهروا وعرفوا بمؤلفاتهم، وفي إطار الحديث

 والقديم يمكن التأكيد على أن الأدب الإلكتروني الجديد لا يمكن أن يلغي ويقضي على القديم الذي ألفناه.


مجلة فن السرد

ملفــــات

التصنيفات

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك تعليقك هنا

ليست هناك تعليقات
2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث