غادة السمّان: السباحة في بحيرة الشيطان | موسى برهومة

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: رغم أنّ السمّان أصدرت زهاء تسعة دواوين شعريّة، وست روايات، وست مجموعات قصصيّة، وسواها من الكتب إلا أنها لم تُصنَّف بوصفها روائيّة أو قاصّة أو شاعرة،
مجلة فن السرد
غادة السمّان


 غادة السمّان: السباحة في بحيرة الشيطان، بقلم  الكاتب موسى برهومة


عندما كتبتُ عن غسّان كنفاني ورسائله المتبادلة مع غادة السمّان، كنت أودّ الإشارة، وحسب، إلى أهمية كتابة الذات، بلا أقنعة، ولا أوهام؛ أعني الذات العارية من كلّ شيء إلا من الرغبة العارمة في الكتابة الخلّاقة الوفيّة لشرط الإبداع.

بيْد أنّ بعضهن وبعضهم فهموا ما كتبتُ باعتباره انتقاصاً من قيمة غادة السمّان، وهذا ما لا يمكن أن أقترفه، لأنّه مخالف للحقيقة. ولا أودّ أن أخوض في "أخلاقيّة" نشر رسائلها الخاصّة مع غسّان كنفاني، ومن بعده مع أنسي الحاج، فهذا أمر جدليّ متصل بالغائيّة. ولست عرّافاً حتى أتبيّن غايات السمّان ومراميها.

غادة ظلّت لزمن طويل مالئةَ بيروت وشاغلة أدبائها ومقاهيها الثقافيّة وصحافتها، لا لأنّها جميلة وحسب، بل لأنّها كاتبة ذكيّة، موهوبة، مبدعة، رشيقة التعبير، جريئة، ثائرة، ومجنونة.

لقد أنتجت غادة فنّاً في الصحافة، لم يؤسّس مثله أحد من قبل، وهو "مقالة النثر"، أسوة بـ"قصيدة النثر"، فكانت كتابتها تشعّ عذوبة، وهي تقشّر اللغة، وتبثّ في عروقها ماء الدهشة، وتقتحم مناطق "محرّمة" بمفردات جَسورة، واستقراء شفيف لا يُقيم في الشعر الخالص، ولا يَسكن في لغة الصحافة المتقشّفة المباشرة التي تتوخّى الإعلام والإخبار والتبليغ.

كنتُ مفتوناً بلغة غادة السمّان، وأُقبِل أسبوعيّاً على اقتناء مجلة "الحوادث" لأقرأ مقالتها في الصفحة الأخيرة، وأتلذّذ بهذا السبك المثير. وكثيراً ما قرأتها مجّاناً، واقفاً وكلّي لهفة، في كشك الراحل أبو علي، صاحب الروح المرفرفة في الأعالي.

ورغم أنّ السمّان أصدرت زهاء تسعة دواوين شعريّة، وست روايات، وست مجموعات قصصيّة، وسواها من الكتب إلا أنها لم تُصنَّف بوصفها روائيّة أو قاصّة أو شاعرة، وإنما ككاتبة أنجزت أكثر من ستة عشر كتاباً سمّتها "الأعمال غير الكاملة" كأنها لم تجد لوناً أدبيّاً مألوفاً لهذه الكتابة التي دشّنت فيها فنّاً هي رائدته وهو "مقالة النثر".

اللاتصنيف ربما ظلم غادة السمّان، وجعلها حائرة بين الأجناس الأدبيّة، ومطرودة في الوقت نفسه من جنّاتها، مع أنها كانت وستبقى عابرة لكل الأجناس، لأنها احترفت "السباحة في بحيرة الشيطان"!

مجلة فن السرد/ زوايا


التصنيفات

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك تعليقك هنا

ليست هناك تعليقات
2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث