فَـــنُّ السَّــــرْد

منبـر أدبـي ثقافي مغربي

recent

آخر المقالات

recent
recent
جاري التحميل ...

العربي الحميدي: عذرية السواد في خطابات التنوير

 

مجلة فن السرد





مواصلة للبحث ولقراءة الوضع الفكري والأدبي والفني عامة في بلادنا، أقول دائما نعم لديمقراطية قراءة الاتجاهات والأنماط الفكرية المتعددة بتعدد الهويات. لأن الهوية تعرض ذاتها في الحياة اليومية. وتعطي صورة واضحة لكل فئة 
في المجتمع.


وبما أن المفكر والأديب والفنان جزء من هذا المجتمع، فالمنتَج ثمرة تلاقح عدة أنماط ثقافية، رغم أن كل واحدة تحاول المحافظة على كينونتها وعبقرتيها. لكن العبقرية تتطلب تحرر المنتج من وظيفته النفعية بمعنى (المنفعة الذاتية)، 
والانتقال إلى وظيفة منفعة الناس وإصلاح قيمهم الإنسانية.

إذا، يجب إعادة  قراءة العلاقة بين هذا المنتوج والناس، وهنا لا أستخدم المجتمع، لأن الناس جمع إنسان، ولأن الناس، هو الإسم الدال على الجماعة أو الشعب إلى غير ذلك من الروادف، وداخل هذا المفهوم قد ندخل فئة أو حزبا سياسيا أو عقيدة أيديولوجية إلى ما شابه ذلك.


في اللحظة الذي يقدم فيها المنتج خطابا فكريا أو أدبيا أو فنيا، فإنه يدخل في علاقة ثنائية مع المتلقي الذي هو الناس. قد تكون هذه العلاقة واضحة أو ملتبسةففي كل الأحوال، يخضع لحكم أو أحكام المتلقي. لأنه ليس صاحب القرار في تحديد صنف هذا المتلقي.

 وهنا تكمن خطورة الخطاب الملقى. لأن المتلقي صنفان ، هناك المحلل الناقد وهناك (الصحن اللاقط). إن المتلقي يدخل في علاقة حرة مع هذا الخطاب الفكري أو الأدبي أو الفني، وهو نفسه يتحول إلى مقوم وناصح، فيصدر حكمه على 
النص المُلَقى ومُلقِيه، ويوجّه المتلقي من العامة.


إن المفكر والشاعر والروائي والرسام والفيلسوف...بحكم ما يتمتع به من يقظة، وبحكم تأثيره  في حياة الناس خاصة بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، إما أن يكون خارج التاريخ المعبر عنه بالقوة الأخلاقية، أو فاعلا في مجتمعه.


قبل سنوات خلت، كانت مهمة المفكر والفيلسوف أصعب من مهمة المبدعين، فالحال اليوم قد تغير مع الوسائل  السمعية البصرية .. مما جعل مهمة المبدعين أصعب؛ لأنهم يمدون الناس بالقوة الروحية، التي قد تكون بناءة أو هدامة، وهذه أخطر مهمة.وهنا يبدأ الاختلاف بين مبدع الذات المغلقة المكبوتة ومبدع الذات الحرة الواعية المنفتحة. فغالبا ما تسلب حرية هذا المبدع الواعي  بأي صورة من الصور ليعيش في الاغتراب الفاجع ويصاب بالصمت القاتل.

أتساءل وهذا سؤال لا جدة فيه:
هل نعيش اليوم ثقافة التيه؟ أم التيه جزء من هويتنا الثقافية. أم إنها فقط صورة ضبابية تهيمن على مخيلة 
المثقف الرصين.


تهدف هذه القراءة إلى محاولة فهم ما نسميه بثقافة الميوعة المستوردة من دهاليز الانحطاط لبعض الأيديولوجيات المتصارعة مع المنطق السليم للفطرة الإنسانية السليمة، ومنظومة الأفكار الشاذة المشرعة الأبواب لتحطيم ما تبقى من احساس حي لمواجهة الشذوذ والتطرف الاخلاقي. ما أسميه (عذرية السواد) للتخلص من كل ما هو 
نقي وسليموهذا يحيلني إلى سؤال محير ومقلق.  ما هو المشترك والمتقاطع بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة؟
ومما يزيد ارباكا حزم الضغوطات التي تواجه المنظومة الثقافية من خارج الحدود، ومن المساندة لها التي تتلقاها من الداخل. و حجم تهديد social media الذي يزحف على عقول طبقة واسعة من غير المثقفين وبعض أشباه المثقفين أيضا؟


بقدر ما الحياة الثقافية تتسع وتتمدد بقدر ما هي مخيفة وقاتمة. جميعنا نطمح إلى الانهال من الثقافة الكونية لتتسع معارفنا لكن ليس بشراهة الأعمى الذي يوسع منظومة عماه. فأنا لست ممن يقول لا شيء يعجبني... فهناك  أشياء لولا العولمة، لما تغير الكثير في حياتنا الاجتماعية والثقافية واصلحت من السلبيات. 

 لكن بالتمعن والتفكر، وهذه مهمة العقلاء من نقاد ومفكرين.  لاأن المهمة صعبة، وحجم تراكم المعلومات ضخم وهائل فالانتقاء يحتاج إلى جهد كبير. كذلك يجب أن نعترف أن ثقافتنا أيضا تختزن عدة تشوهات يجب علينا التركيز لشذبها  وتطهيرها.

العربي الحميدي

عن الكاتب

مجلة فن السرد

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

فَـــنُّ السَّــــرْد