مشاتل
نغم البَيْن...
لطيفة مناد/ الجزائر
نال منها الروتين القاسي. وأصبحت الأيام متشابهة لدرجة التطابق بالنسبة لها. اكتست لياليها بلون باهت لم تعرفه ولم يسبق لها مصادفته طيلة سنوات حياتها العشرين. فقدت طعم الحياة بكل ما للكلمة من معان...
فقدت الشغف والعنفوان...
كانت تمشي كضائع بلا وجهة وقد طوقها اللاوعي. كأن العالم بما فيه لا يعنيها. مطأطئة الرأس كانت مثقلة الروح. في عينيها السوداوتين جَوى قَصيَّ وفراغ عظيم من سهب الحنين...
كل من حولها يحثها على الثبات والمقاومة. يطلبون منها الصمود، يطالبونها بضحك زائف، لا تقدر على اصطناعه... وفي قرارها اشتاقته، أرادته بشدة ضحكا حقيقيا برفقة من فقدت.
استغلت فاطمة يوم ميلاده ليس للتهنئة ولا لتمني حياة أرقى وأجمل، بل كانت فرصة لتسأله فيها: ألم تمل من البين بعد؟
_أخذت هاتفها حوالي ربع ساعة تكتب وتحذف الرسالة، وأخيرا أرسلت نصا طويلا تهنئه فيه، اختمته ب ”عد أريد استرجاع نفسي“
تلك النفس التي أحرق كل بهي بها وحوله إلى رماد...
من فرط التوق انتظرت رده لساعتين، وجاء قاسيا كقسوة قلبه اللعين
”شكرا“
بكت كثيرا. بطريقة غريبة وكأنها تريد التخلص من ذلك الوله المسموم، تريد طرده من فؤادها.
جففت عبراتها بردائها واتصلت به. لعل صوتها يذكره بذلك الحب العظيم الذي كان، لعله يلين...
_آلوو... طارق لا تفعل بي هذا... (أجهشت بالبكاء كطفل سُرِقَتْ حلواه)
_لا أريد إضاعة وقتنا فاطمة ... أحبك ولكن ظروفي لا تسمح لي بإقامة أي علاقة...
فاطمة (بصوت مذبذب):
المشكلة لا تكمن في ليال من علاقة أو قصة حب جمعتنا بل تكمن في الاختلاف. لا أحد مثلك، أنت فريد وحدك في الكون كقمر. لا عوضك لك ولا بدل...
أنهى المكالمة ... نسي كل الذكريات السعيدة التي جمعتهما معاً ، رحل بلا سبب يذكر وكأنه شعر بالاكتفاء منها.
عادت فاطمة بذاكرتها لأيام خلت حين كانت تحثها أمها أن تترك علاقة غير شرعية، فلن تجني منها غير العذابات. تذكرتها حين قالت يا بنيتي : ”البدايات التي لا ترضي الله نهايتها لن ترضيك“
إرسال تعليق