الطَّرِيقُ إِلَى اسْبِّرَانْزَا | أحمد شرقي

 

مجلة فن السرد


صَبَاحٌ صَيْفِيٌّ مُشْرِقٌ يُغْرِي بِالْحَيَاة. أُسْرِعُ الْخُطَى نَحْوَ مَقْهَى "اسْبِّرانزا" لِأَلْتَقِي بِصَدِيقٍ نَاشِرٍ وَنَاقِدٍ يَنْتَظِرُنِي هُنَاك، لَكِنِّي بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِي لِشَخْصٍ آخَر، تَمْتَمْتُ: "أَسْرِعْ... تَتَأَخَّرْ".

لَمَحْتُهُ وَلَمَحَنِي عَلَى بُعْدِ أَمْتَارٍ، لَكِنْ لِلْأَسَفِ، الزُّقَاقُ الضَيِّقُ وَخُلُوُّهُ مِنَ الْمَارَّةِ، جَعَلَنِي أَفْشَلُ فِي مُرَاوَغَةِ صَدِيقِ أَيَّامِ الدِّرَاسَةِ الْجَامِعِيَّةِ، الَّذِي أُلَقِّبُهُ، سَامَحَنِي الله، بِالْمُتَشَائِم. بَادَرَ إِلَى الْحَدِيثِ بَعْدَمَا صَافَحَ وَعَانَقَ وَقَبَّلَ:

_كَيْفَ الْحَالْ، صَدِيقِي؟

_بِخَيْر

_هَل تَحْتَرِمُ الْإِجْرَاءَاتَ الاحْتِرَازِيَّة؟ سَأَلَ وَهُوَ يُسَوِّي وَضْعِيَّةَ كِمَامَتِهِ بِرَفْعِهَا فَوْقَ أَنْفِه.

مُتَقَدِّمًا خُطْوَةً إِلَى الْأَمَامِ أَجَبْتُهُ:

_أَمْرٌ ضَرُورِيّ؛ يَقُولُونَ إِنَّ مُتَحَوِّرًا جَدِيدًا قَدْ ظَهَرْ، اسْمُهُ "مُــو"، سَمِعْتَ بِه!

_لَا، لَكِنِّي مُنْذُ ظُهُورِ كُورُونَا، عَرَفْتُ أَنَّنَا سَنَ"مُــو"تُــ جَمِيعًا..

قَالَهَا وَضَحِكَ عَلَيْهَا، لَمْ أَتَفَاعَلْ مَعَ نُكْتَتِهِ الْمُبْكِيَةِ؛ اكْتَفَيْتُ فَقَطْ بِتَعْدِيلِ وَضْعِيَّةِ سَاعَتِي الْيَدَوِيَّةِ دُونَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا، فَتَدَارَكَ مُغَيِّرًا الْمَوْضُوعَ:

_أَيْنَ وَصَلْتَ فِي كِتَابَاتِك؟

_هَا أَنَا أُحَاوِلْ

قَالَ بِثِقَةٍ غَرِيبَة:

هَذَا هُوَ الْوَقْتُ صَدِيقِي

_كَيْف؟ تَسَاءَلْتُ

_إِنَّ الْقِصَصَ الَّتِي تَكُتُبُ وَمَا جَاوَرَهَا، تُكْتَبُ وَتُقْرَأُ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ، أَعْنِي وَقْتَ الْفَرَاغِ.

 أَجَّلَتْ رَدِّي عَلَى الْمُتَشَائِمِ الْوَاهِمِ مُكَالَمَةُ النَّاشِرِ:

- ألوو... قَرِيبْ؟ أَحْضِرْ مَعَكَ عُنْوَاناً آخَرَ لِمَجْمُوعَتِكَ يَا مُبْدِع.

أَجَبْتُهُ:

_"قِصَصُ الصَّيْفْ" 

خِلَالَ مُكَالَمَةٍ قَصِيرَةٍ كَانَتْ بِمَثَابَةِ تَمْهِيدٍ لِلّقَاءِ الْمُرْتَقَبِ، أَبْدَى النَّاقِدُ إِعْجَابَهُ بِالْعُنْوَانِ الْجَدِيدِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْهِ فِي مَخْطُوطِ الْكِتَابِ الْقَصَصِيّ. شَكَرْتُ الْمُتَشَائِمَ عَلَى فِكْرَتِهِ الْجَمِيلَةِ وَأَكْمَلْتُ الطَّرِيقَ نَحْوَ "اسْبِّرانزا". 

فِي الْيَوْمِ الْمُوَالِي، وَأَنَا أُرَاجِعُ مَجْمُوعَتِي الْقَصَصِيَّةَ لِلْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ، أَلَمَّتْ بِي حُمَّى مُنْهِكَةٌ، وَبَدَأْتُ أَفْقِدُ حَاسَّتَيْ الشَّمِّ وَالتَّذَوُّقِ تَدْرِيجِيًّا.

مجلة فن السرد | محاكاة

التصنيفات

شارك.ي. المقال

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك.ي. تعليقا

ليست هناك تعليقات

2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث